الأربعاء، 5 سبتمبر 2018

مقال: الدراسات الاجتماعية والتفكير

مقال: الدراسات الاجتماعية والتفكير التاريخي


إعداد الباحث:
محمد جمال صالح محمد
معيد بقسم المناهج وطرق التدريس
تخصص " مناهج وطرق تدريس التاريخ "
كلية التربية – جامعة أسوان

     إن قيمة الإنسان تكمن فيما يحسنه ومن ذلك إحسانه في إعمال عقله وتفعيل تفكيره فيما حوله، ولذا يظهر مستوى تفكيره في أسلوب كلامه وطريقة كتابته، وقد قيل (المرْء بِأَصْغَرَيهِ) وأصغراه قلبه ولسانه.
     وبعد القراءة والاطلاع لأهمية الدراسات الاجتماعية، ولتخصصي في هذا العلم، سألقي الضوء على أهميته وعلاقته بالتفكير. وعلى وجه الخصوص التفكير التاريخي، وكيف يكون معلم الدراسات الاجتماعية قادرًا على تنمية قدرات طلابه على مجال التفكير.
     تعتبر الدراسات الاجتماعية من أكثر المناهج صلة وارتباطًا بواقع المجتمع، ومشكلاته وتحدياته ويعتبر إعداد أفراد المجتمع ليكونوا قادرين على المشاركة في بناء مجتمعاتهم من الأهداف التي تسعى إليها مناهج الدراسات الاجتماعية، ولكي يتحقق هذا الهدف وما نسعى إليه من إعداد وإيجاد متعلم قادرًا على التعرف على قضايا مجتمعه ومشكلاته وواعيًا بها، وجعله يسهم في معالجتها وإيجاد البدائل التي تحقق المزيد من التقدم، يصبح لزامًا علينا أن نهتم بتنمية التفكير بكل أنواعه: التأملي، التحليلي، الناقد، الإبداعي، التاريخي.
      وسأخصص حديثي عن نوع من أنواع التفكير الذي يُنمى من خلال الدراسات الاجتماعية خاصة التاريخ "التفكير التاريخي وهو أحد أنواع التفكير الذي تسعى المؤسسات التربوية إلى إكسابه للمتعلمين من خلال دراستهم لمقررات التاريخ، وتكمن أهمية هذا النوع من التفكير في أنه يتطلب أكثر من مجرد إتقان الحقائق التاريخية، فهو يتعداها إلى البحث عن العلاقات بينها، والتوصل إلى مفاهيم تاريخية، وتطبيق تلك المفاهيم للتوصل إلى فروض حول السبب والنتيجة، والتي يجب أن تُدعَم بالأدلة التاريخية.
    كما تسهم الدراسات الاجتماعية في إكساب المتعلمين مهارات التفكير التاريخي لأنها تتمشى مع طبيعته، فالتاريخ علم نقد، وتحقيق يقوم على التحليل، والتعليل، ووزن قيمة الأدلة، والربط بين الأسباب والنتائج وإرجاع الأمور إلى أسبابها الحقيقية، واكتشاف التعليلات والقدرة على المقارنة، ولهذه المهارات قيمتها في تربية المتعلمين تربية عقلية سليمة، كما أن تنمية التفكير التاريخي لدى المتعلمين يكسبهم القدرة على فحص كل ما يعرض عليهم من أحداث تاريخية، ونقدها وتحليلها، ويساعد على إعداد جيل قادر على تتبع الأحداث التاريخية، وعمل تصور مستقبلي لها.
    إن مهارات التفكير التاريخي تعني: "قدرة المتعلم على فهم واستيعاب الحقائق التاريخية الواردة في مناهج التاريخ، باستخدام طريقة تفكير تجعله قادرًا على تحليل العلاقة القائمة بين تلك الحقائق، وجمع البيانات والأدلة التاريخية من مصادرها الأصلية وتنظيمها، وتصنيفها، وتفسيرها، ووزن الأدلة التي تتضمن وجهات نظر مختلفة، واستبعاد التحيز منها، وإصدار الأحكام عليها، وتطبيق المفاهيم المجردة، من أجل تطوير فرضيات عن السبب والنتيجة تدعمها الأدلة والبراهين".      
      إن دور معلم الدراسات الاجتماعية يكمن في القدرة على تنمية قدرات طلابه على التفكير، فلا بد أن يكون على مستوى عالٍ من التمكن في العديد من الجوانب؛ من خلال  توظيف القضايا التاريخية في معالجة مشكلات الطلاب ومشكلات البيئة والمجتمع وذلك لربط المدرسة بالمجتمع.
    كما أن من الأدوار الرئيسة لمعلم الدراسات الاجتماعية معالجة المعتقدات الخاطئة التي يدور حولها الجدل والخلاف في المجتمع، وإيجاد جو من الشك، بحيث لا يقبل الطالب أية معلومات بغير فهم، ولا يؤمن بأي معتقد من غير تمحيص، وإيجاد جو من التشاركية، لكون كل فكرة في مجال الدراسات الاجتماعية قابلة للمناقشة وكل رأي وله رأي آخر، ولن يتحقق التعليم وتنمية التفكير كما يجب إلا بتوفر هذا الجو، وعليه أيضًا الابتعاد عن التركيز على التلقين أو الأسئلة المغلقة، والإكثار من توجيه الأنواع التالية من الأسئلة (ما رأيك، حلل، علل، ما أوجه الشبه أو الاختلاف، ما رأيك، أوجد العلاقة) وتسمى الأسئلة المفتوحة، فهي جديرة في تنمية التفكير بأنواعه.
     وفي مجال تقويم التفكير فعلى معلمي الدراسات الاجتماعية القيام بدور هام في تقويم مدى اكتساب الطلاب للمعارف والمهارات وتوظيفها في مواقف جديدة من خلال الارتكاز على مهارات التفكير، ومن هنا لابد لنا من مراعاة كون عملية تقويم التفكير لا تنعزل عن عملية تقويم جوانب التعليم الأخرى، ولا بد من تنوع الأساليب المستخدمة لتقويم التفكير، ومنها؛ إستراتيجية المناقشة المخططة لها، وإستراتيجية التساؤل، والبحوث والتقارير، وتقويم الأعمال الإنشائية، ودراسة الحالة، وكذلك تأتي الأنشطة (المغلقة - المفتوحة) وهي ما يتعلق بقيام المعلم بأنشطة ذات أبعاد متعددة تسهم في تنمية مهارات التفكير التاريخي، كزيارة الشخصيات التاريخية والمتاحف، والمواقع التاريخية، وإعداد المعارض لها، كما أن استراتيجية تمثيل الأدوار من خلال القيام بمسرحيات تاريخية ستسهم كثيرًا في فهم الأحداث التاريخية ودلالاتها وأسبابها وانعكاساتها على الواقع المعاصر، ولهذه الأنشطة دور كبير في تنمية مهارات تفكير أخرى كمهارات التفكير الإبداعي، وكذلك مهارات التفكير الناقد.
      ومما يعيق معلم الدراسات الاجتماعية عن تنمية تفكير طلابه، إذا افتقد هذا المعلم لإستراتيجيات التدريس التي تؤهله وتساعده لتنمية التفكير التاريخي لدى طلابه، وعدم تفعيله للأهداف المضمنة بالمناهج والمتعلقة بتنمية التفكير في حال وجودها، واذا اعتمد على طرق تدريس تقليدية، وعدم تفعيله للأنشطة التي تساعد على تنمية التفكير، وإهماله للنمو الانفعالي والأخلاقي والإبداعي لطلابه وتركيزه على الجانب المعرفي
     وأخيرًا.. لابد من أن يركز المعلم أثناء حصصه الدراسية على إبراز مواهب طلابه بمختلف مستوياتهم ويراعي الفروق الفردية لديهم، ويثق دائما بقدرات طلابه المتفوقين والضعفاء أيضا، ويثري حصته التعليمية بالعديد من الحقائق التاريخية التي تربطهم بالعالم المحيط بهم, وبعصر العولمة والتكنولوجيا، فكلمة شكر وثناء لكل معلم عمل على الاهتمام بتنمية تفكير طلابه.
المراجع:
خريشة، علي (2004م). مهارات التفكير التاريخي في كتب التاريخ للمرحلة الثانوية. جامعة الإمارات العربية المتحدة، مجلة كلية التربية، السنة التاسعة عشر، العدد(21).
علي، صفاء محمد (2008م). رؤى معاصرة في تدريس الدراسات الاجتماعية. القاهرة: عالم الكتب. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق