طرق استخدام الكاريكاتور في التدريس
اتسم القرن السابق _ العشرون _ بالتطور الذي تجلى في كم كبير من انجازات العلم والتقنية، تلك الانجازات لم تكن أقل أهمية مما أنجزته البشرية في كل ما مضى من قرون.
أما اليوم فيعيش العالم في عصر يتصف بالثورة العلمية والمعرفية، حيث وصل الرصيد العالمي من المعرفة إلى حد الانفجار (محمد2007 م،91) وترتبط هذه الثورة بثورة التكنولوجيا فثورة المعلومات والإعلام والاتصال هي نتاج التقدم التكنولوجي (حجي 2004 م، 4) ومع هذا التضخم المعرفي كان لزاماً على العملية التربوية والتعليمية أن تواكب هذه التغيرات فقد ربط همشري (2001 م، 150) هذا التغيير بالتربية وأن التربية هي المسؤولة عن مواجهة هذا التغيير وضبطه وتوجيهه نحو التقدم والتنمية.
ويرى مينا (2003 م) أنه " لا معنى لتعليم لا يواكب التغيرات المعرفية، إذ يتحول تلقائياً إلى تعليم منقوص لتاريخ العلم، يعزل نفسه عن الإفادة بتطبيقاته، وعن إمكانات استخدام منهجيته وعن سبل التطور بعامة " (ص 4).
وإذا كانت الثورة المعلوماتية أدت إلى عدم جعل المعرفة غاية في حد ذاتها ، وإنما أصبح الهدف هو كيفية الوصول إلى تلك المعرفة ، واستخدامها والإفادة منها فإن رسالة المنهج أصبحت تنمية وإطلاق طاقات المتعلم ، والخروج به من ثقافة تلقي المعلومات إلى ثقافة بنائها ، واكتشاف العلاقات بينها وذلك لن يتحقق إلا من خلال تنمية التفكير لدى المتعلم ( الحصري 2006 ، 509 ) وللتفكير أهمية كبيرة في حياة الإنسان فبه يتحرر من قيود الزمان والمكان ويستطيع أن يعالج الأشياء البعيدة والغائبة بطريقة رمزية مجردة ، وأيضاً الأحداث التي حدثت في الماضي ( إبراهيم 2006 م،30 ) .
والحقيقة أن العناية بالتفكير وتنميته في مدارسنا في كل العلوم يساعد الأمة على حُسن استغلال ثرواتها البشرية، وتنمية إمكاناتها حتى تلحق بالمجتمعات المتقدمة التي تعيش الثروة وتتمتع بالرفاهية (اللقاني2000م، 32)
وتشترك المواد الاجتماعية مع غيرها من المواد الدراسية في تنمية العديد من المهارات منها: التفكير الناقد، والحساسية الاجتماعية، والتحليل، وحل المشكلات، والتعرف على مصادر المعلومات وجمعها وتنظيمها (اللقاني وأبو سنينة 1999م ،31) لأن المواد الاجتماعية في معظمها دراسة مواقف، وأحداث، وظواهر، وكل هذه الأمور تتطلب دراسة لأسباب حدوثها والنتائج التي ترتبت عليها، وربط الأسباب بالنتائج وهذه من أفضل الأساليب التي تُنمي مهارات التفكير الناقد. (سليمان ونافع 2001 م، 36).
والتاريخ من المواد شديدة الصلة بالتفكير لأنه ليس مجرد قصص تُروى عن الأيام الغابرة ، وإنما حوادث الماضي فيها عبرة للناس وفيها تحذير للأمم من المهالك التي وقعت فيها الأمم السابقة ، ومادة التاريخ من المواد الاجتماعية التي تنمي مهارات التفكير باعتبارها مجالاً تفسيرياً يدور حول دليل تفسيري لتوضيح الأحداث ووجهات نظر أناس عاشوا قبلنا ، والمؤرخون أنفسهم يحتاجون إلى التدريب على الملاحظة الدقيقة وكذلك التحليل مع التخيل حتى يتمكنوا من فهم ما يمكن أن تقوله الأدلة عن الحياة في فترات سابقة ( حبيب 2005 م، 122) وتؤكد ذلك أبو رزق ( 2004 م ) حيث ذكرت " أن لدراسة التاريخ قيمة تربوية لما لها من تأثير في عقل التلميذ وإكسابه طرائق خاصة في التفكير وإرجاع الحوادث إلى زمنها فتنشأ لديه العادة التاريخية في تناول الحقائق والأسلوب التاريخي في التفكير فيها ، لأن التاريخ طريقة بحث تقوم على النقد والمقابلة والتحقق ووزن قيم الأدلة وربط السبب بالنتيجة مع التعليل للحوادث وإرجاعها إلى دوافعها " (ص149) .
إن من أهم أهداف المناهج المقررة على الطلبة هو تنمية التفكير بأنواعه المختلفة وإثارة التفكير المنتج. (الطيطي 2007 م، 16) لأن التفكير لا يأتي للفرد من خلال نضجه البيولوجي فقط بل انه تفكير يحتاج إلى تعليم وتدريب مستمرين فحتى يكتسب المتعلم التفكير لا بد من وجود معالجات تعليمية معينة تسعى لتنميته لدى الطلاب (زيتون 2003، 85).
لذا أوصت الكثير من الدراسات بضرورة إدراج تعليم التفكير بأنواعه المختلفة في التعليم العام والتعليم الجامعي وهذا سبب اهتمام وزارة التعليم بتنمية التفكير في السنوات الأخيرة وأصبحت تطالب المعلمين والمعلمات به؛ لرفع كفاءة النظام التعليمي ومخرجاته.
والتفكير الناقد يتضمن إثارة العديد من التساؤلات، وهذا مهم بالنسبة للمتعلم حيث يتعلم مهارات التفكير الناقد وهي: التحليل والنقد والدفاع عن القضايا، والالتزام بالوضوح والدقة مما يؤدي إلى إتقان أفضل للمحتوى المعرفي، وفهم أعمق له مما يحسن من تحصيله في المواد الدراسية المختلفة (عبد الله وإبراهيم 2006 م، 402) وينبغي تنمية قدرة التفكير الناقد لدى الأجيال القادمة لأن إنسان الغد لا بد أن يكون ناقداً حتى يستطيع التعامل مع ما يستجد من مواقف، ومشكلات مستحدثة مثل الغزو الثقافي من الخارج. (الزواوي2003م، 78) لذا أجريت العديد من الدراسات حول التفكير الناقد، واستراتيجياته المختلفة في التدريس التي يمكن من خلالها تنمية التفكير الناقد.
ومما لا شك فيه أن المناخ الصفي له دور مهم في إثارة التفكير وتنميته لدى التلاميذ ، فالمقاعد الصحية السليمة والمريحة ، واستراتيجيات التدريس المتنوعة والحديثة و ما تحويه من طرق وأساليب ، والأنشطة التعليمية التي تتناسب والفروق الفردية ، كلها مجالات واسعة يمكن للمعلم الناجح استغلالها في إيجاد البيئة الصفية التي تشجع التلاميذ على التفكير ( سعادة 2006 م، 69 ) فبيئة التعلم وما تمتلكه من تسهيلات وتجهيزات ووسائل تعليمية ، وأنشطة في المجالات المختلفة ، وما لديها من أساليب تعزيز ، هذه العوامل إذا اتسقت وعزز بعضها دور بعض تعزيزاً ايجابياً تكون النتيجة حدوث تعلم فعال ومتكامل لدى التلاميذ . (راشد1999 م، 63)
ونلحظ اليوم الكثير من الدروس التي تركز على توصيل المعلومة ولا تهتم بتطوير المهارات وهناك مشكلة كبيرة وشائعة عند معظم المعلمين وهي الأسلوب الممل في نقل المعلومات والتدريب على المهارات مما يفقد الطالب انتباهه واهتمامه، فلا يتابع ما يقوله المعلم وإن كانت عيناه مع المعلم ويبدو وكأنه ينصت باهتمام لهذا يحتاج المدرسون إلى تدفق دائم من الأفكار والطرق والأساليب الحديثة لتجديد الدروس وإبقاء أساليب التدريس مثيرة للطلاب، وذلك للمحافظة على مستوى حماستهم. (السويدان 2006 م،7)
واستخدام الكاريكاتور في التدريس يمكن أن يجذب انتباه الطالب واهتمامه حيث ذكر السويدان (2006 م) بأن هناك العديد من الطرق والتمارين للإبداع في التدريب والتدريس مشيراً إلى " أن استعمال الرسم الكاريكاتوري يستخدم لكسر الحواجز، والبحث عن رسومات كاريكاتورية ذات صلة تنعش وتشد انتباه المتعلمين " (ص 154).
ويمكن للمعلم أن يستخدم الرسوم الكاريكاتورية عند قيامه بالتهيئة لدرس ما بهدف تحضير الطلاب وجذب انتباههم للدرس الجديد. (الجمل 2005 م، 167) وكلمة كاريكاتور caricature مقتبسة من اللفظة الإيطالية (كاريكار caricare) وتعني التضخيم والمبالغة، والصحيح أن ُتلفظ كلمة كاريكاتور بالواو وليس بالياء مع أن كلمة كاريكاتير هي الأكثر شيوعاً واستخداماً. (الوهيد 2000 م، 108). ويرتبط الكاريكاتور بالموضوعات والأحداث الجارية، وبالتصوير الفُكاهي. (شلش 1992م، 99)
ويتميز الكاريكاتور بقوة في التعبير والقدرة على الاستحواذ وشد انتباه القارئ وإثارة مهارة التفكير وبالإضافة إلى ما سبق لا يمكن تجاهل قيمة الكاريكاتور التربوية وضرورة الإفادة منه في المنهج الدراسي لمعالجة العديد من الموضوعات الدراسية في قالب قصصي محبب للتلاميذ واختصار الزمن اللازم لعملية الاتصال. (عطار وكنسارة 2005 م، 230) حيث يمكن توظيفه كمثير بصري لحفز المناقشات الصفية وتشجيع الطلاب على إلقاء الأسئلة التباعدية واكتشاف العديد من الجوانب الضمنية المتصلة بالمشكلات أو القضايا المطروحة. (سعيد وعبد الله 2004 93) (ويُسهل الكاريكاتور عملية التعلم حيث يوفر وقت التلاميذ والمعلم فبدلاً من قراءة مقالة عن موضوع معين يمكن أن يقدم لهم إطار يلخص المعاني التي يقدمها المقال. (سالم 2005 م، 264)
ولا يستطيع أحد أن ينفي التأثير المهم للرسوم الكاريكاتورية على الشخص لأنه يتعامل مع جميع الفئات البشرية دون استثناء فيقدم شيئاً غنياً لقارئه الأُمي والمتعلم. ((شراب 2006 م) ويؤكد ذلك ميخائيل (1990 م) قائلاً: " أن الكاريكاتور فن خطير، وسر خطورته تكمن في بساطته التي تُسهل وصوله إلى عقل وقلب كل إنسان بصرف النظر عن ثقافته أو مكانته العلمية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، بالإضافة إلى سهولة وسرعة وصوله إلى كل الناس في كل مكان، وذلك من خلال الصحف والمجلات والتلفزيون ومختلف وسائل الإعلام التي تخاطب الملايين " (ص 37).
وللكاريكاتير شعبية كبيرة تضم جميع شرائح المجتمع، فهو يملك قوة تعبيرية هائلة بقالب ساخر لاذع، حيث ملّ الناس من كثرة تناول بعض القضايا العالقة مما يجعل للكاريكاتور قيمة مضاعفة؛ إذ لا يحتاج إلى مستوى علمي عالي لفهمه وتحليله.
وكان من أقوال الرئيس الأمريكي السابق هنري ترومان " لا أخاف إلا من الموت ومن رسامي الكاريكاتور " كما ثارت ثائرة الشعوب الإسلامية في عام 2006 م على أثر الرسومات الكاريكاتورية التي استهزأت بالنبي محمد (سلامة 2007م). ثم عادت بعض الصحف الدنماركية نشر هذه الرسوم مع بداية العام 2008م مما أثار سخط المسلمين في جميع أنحاء العالم كيف لا وهذه الرسوم تحمل في طياتها إهانة للرسول نبي هذه الأمة وخير البرية ، وهي في الحقيقة تهدف إلى الاستهزاء والسخرية بالمسلمين بصفة عامة وتكوين الاتجاه السلبي نحوهم بظهورهم أمام العالم على أنهم إرهابيون ، ومن هنا تظهر أهمية استخدام الكاريكاتور في تنمية التفكير الناقد وتكوين العقلية الناقدة التي أكد عليها إبراهيم (2000 م ) قائلاً : " الحقيقة أننا في أمس الحاجة إلى تكوين ( العقلية الناقدة ) عند المتعلم ، ليستطيع مقابلة المواجهة الحضارية والدفاع عن القضايا التي ستؤدي إلى التنافس الضاري الذي سيكون سمة من سمات الحقب القادمة ، حيث ستكون الغلبة لروح ... النقد " (ص 19 ) .
ويعتبر الكاريكاتور وسطاً فعالاً في مقررات المواد الاجتماعية واللغات والتربية الإسلامية والعلوم لنقل فكرة وتغيير اتجاه وتنمية القدرة على الفهم (اسكندر وغزاوي 1994 م، 259). وهو يمثل وسيطاً جيداً لتنمية العديد من القيم والاتجاهات المرغوبة مثل تقدير حرية إبداء الرأي وتقبل مفهوم التعددية في الرأي. (سعيد وعبد الله 2004 ،93) وبالإضافة إلى ما للكاريكاتور من أثر في إدخال السرور، له أيضاً من المقاصد الفلسفية والاجتماعية العميقة على مر العصور ما يجعله فناً إنسانياً مؤثراً، وعلى امتداد مراحل الصراع في المجتمع الإنساني الحديث فقد استطاع فن الكاريكاتور أن يعالج كثيراً من المظاهر ويقوم السلبيات ويؤكد على الايجابيات (دياب 1411 هـ، 281).
ويعتبر الحيلة (2005 م) " الكاريكاتور من الموضوعات الثابتة التي تظهر في كثير من الصحف، يتتبعها القراء بشوق لما لها من القدرة على الاستحواذ على انتباه القارئ، واهتمامه والتأثير في اتجاهاته وسلوكه " (ص171). ذلك لأن الاتجاهات مكتسبة وليست موروثة، فالفرد لا يولد ومعه أو لديه اتجاهات موجبة أو سالبة نحو قضية ما، أو موضوع ما، ولكنه يكتسب اتجاهاته من خلال تنشئته الاجتماعية في أسرته وأثناء تفاعله مع الأفراد والمؤسسات التعليمية في مجتمعه (السعيد 2006 م، 78)
وتقوم الاستراتيجية التدريسية على مجموعة من الأعمال والأفعال عند عرض الدرس سواء كان تمهيداً لفظياً ، أو عرضاً لوسائل تعليمية توضيحية أو نقاشاً (قلادة 2004 م،38 ) لذلك فإن استخدام استراتيجية تدريسية قائمة على رسوم الكاريكاتور قد يكون لها الأثر في جذب انتباه الطالبات و تنمية التفكير لديهن فقد أثبتت العديد من الدراسات أثر استخدام الكاريكاتور في التدريس على تنمية التفكير والفهم كدراسات كل من : إبراهيم ( 1988م ) وهيتزمان ( 1998 ) Hertzman ، و سلوين ( 1999 ) Selwen، و القرشي ( 2001 م ) وسالم ( 2003م ) .
وقد أوصت العديد من الدراسات في مجال تدريس الاجتماعيات بضرورة استخدام طرائق وأساليب تدريسية جديدة للتأكد من أثرها في تنمية التفكير كدراسات: كرم (1992م) وعليان (1995م) والأسمري (1999م) والعنبكي (2002 م).
وأوصى علي (2004 م) ضمن المؤتمر العالمي عن المسلمين والقرن الحادي والعشرين " بضرورة إتاحة خبرات تربوية خاصة من أجل التدريب على التفكير النقدي ...، وإتاحة الفرص للطلاب ليكتشفوا الحقائق بأنفسهم، وعدم الاكتفاء بتحفيظهم إياها " (ص 271) .
وأكدت درار (2006 م) في مؤتمر رعاية الموهبة من أجل المستقبل " أن تعليم مهارات التفكير والتعلم من أجل التفكير يرفعان من درجة الإثارة والجذب للخبرات، ويجعلان دور الطلبة ايجابياً وفاعلاً فينعكس بصور عديدة منها تحسن مستوى تحصيلهم وتحقيق الأهداف التعليمية " (ص333).
لقد بينت الدراسات العلمية العديدة أن المخرجات التعليمية لنظام التعليم العام من معيار التفكير يكاد يكون محبطاً للآمال إلى حد كبير، فالكثير من الطلبة الذين يحملون الثانوية العامة ليسوا في وضع يؤهلهم لتفسير أو تقديم أدلة تتعدى الشرح الهامشي، علاوة على أنهم غير قادرون على تطبيق مضمون المعرفة التي اكتسبوها في حل المشكلات التي تواجههم في الواقع ((جمل2005 م، 20)
وتبدو الحاجة إلى تعلم التفكير في المواد الاجتماعية بعامة، والتاريخ بخاصة، أكثر إلحاحاً، خاصة إذا ما علمنا أن المتعلمين لا يستطيعون مجرد تذكر ما درسوه من أحداث تاريخية، لقصور الطرائق التقليدية التي دُرسوا بها التاريخ والتي تقوم على تلقين الأحداث وحفظها. (هيلات 2007م، 64) ذلك لأن المواد الاجتماعية ذات طبيعة مجردة تجمع بين البعد الزماني والمكاني فهي بحاجة إلى استراتيجيات ووسائل وأساليب تدريسية تساعد في تقريبها إلى التلاميذ وتساعد في تغلبهم على الصعوبات التي تواجههم في فهم المادة وإلمامهم بها ((الحصري2006 م، 509).
وعند النظر إلى واقع تدريس التاريخ من خلال خبرة الباحثة في التربية العملية نلاحظ أن تطبيق استراتيجيات تنمية مهارات التفكير قليل جداً، بالإضافة إلى نفور الطالبات وشعورهن بالملل من دروس التاريخ وذلك يرجع إلى طرق التدريس المستخدمة التي غالباً ما تكون قديمة تفتقد إلى عوامل الجذب للطالبة مثل الإلقاء، كذلك عدم مراعاة الفروق الفردية بين الطالبات والتنويع في طرق التدريس الذي يعمل على جذب انتباه الطالبة ويمكن أن يُعدل اتجاهها نحو مقرر التاريخ.
رسوم الكاريكاتور
اختلفت التعريفات التي تناولت الكاريكاتور بشكل أحدث خلطاً بينه وبين فنون أخرى، وبشكل أدى إلى التداخل في مسمياته مع مسميات مختلفة، ويرجع هذا التداخل والخلط إلى قلة الدراسات التي أجريت في هذا المجال، بالإضافة إلى الترجمة الحرفية للأعمال الأجنبية التي تناولت الكاريكاتور ولكن تحت مسمى الكارتون فبعض الدراسات والأدبيات تناولت الحديث عنه تحت مسمى كارتون وليس كاريكاتور لذا سوف يتم تعريف الكاريكاتور بشيء من التفصيل.
تعريف رسوم الكاريكاتور
يعرفانها شحاتة والنجار (2003م ) بأنها : " رسوم وأفكار تعرض بغرض التأثير على الأفراد بأسلوب مرح أو مستحب ، وغالباً ما تتضمن معانٍ فُكاهية ، يقصد بها التعليق على قضايا اجتماعية أو سياسية ونحوها . وتعد الفكاهة أو السخرية الدعامتين الأساسيتين لرسوم الكاريكاتير، وعادة ما تتضمن هذه الرسوم جملة أو شبه جملة تعبيرية موجزة " (ص190).
وكلمة كاريكاتور caricature مقتبسة من اللفظة الإيطالية (كاريكار caricare) وتعني التضخيم والمبالغة، والصحيح أن ُتلفظ كلمة كاريكاتور بالواو وليس بالياء مع أن كلمة كاريكاتير هي الأكثر شيوعاً واستخداماً (الوهيد2000 م، 108).
ومعنى كلمة Caricatureفي القواميس الانجليزية هو تصوير الأشخاص أو الأشياء، بطريقة غريبة تثير الضحك، عن طريق تضخيم سماتهم وملامحهم. ومع ذلك خلطت تلك القواميس كلمة " كاريكاتير " بكلمة "كارتون " Cartoon، وهذا ما جرى عليه العرف في كلام الناس بالإنجليزية، فالكلمتان مترادفتان حالياً نتيجة وحدة موضوعهما، وهو التصوير الفُكاهي. (شلش 1992 ،99).
وقد لاحظت الباحثة أن معظم الأدبيات التي كتبت عن الكاريكاتور كانت تكتب الكلمة بالواو لذلك عمدت الباحثة إلى كتابة الكلمة بالواو فيما عدا الاقتباس والاستشهاد.
نشأة الكاريكاتور
يعتبر الكاريكاتور من الفنون القديمة التي ظهرت قبل الرسوم المتحركة، وكان انتشارها يعتمد على الصحف والمجلات فقط، أما اليوم ومع تطور وسائل الاتصال أصبحنا نشاهد الكاريكاتور على شاشة التلفزيون والانترنت.
ُيخطئ من يعتقد أن فن الكاريكاتير فن صحفي مستحدث، فالنكتة المصرية ليست ابتكاراً وارداً من الخارج، ولكنها نتاج ميراث أصيل على مدار السنين يصل إلى سبعة آلاف سنة حيث وجد مرسوماً على جدران المعابد، وفي أوراق البردي العديد من الرسوم التي تعكس روح الدعابة والسخرية (فهمي 2002م، 51).
مر الكاريكاتور بعدة مراحل تاريخية ساهمت في تطوير تقنياته حتى أصبح فناً بذاته وإن كان من الصعب أن نحدد الأصول الأولى التي انبعث فيها الرسم الفُكاهي، فالمؤكد أن فكرة هذا الفن قد ظهرت لأول مرة كنوع خاص من أنواع الفنون التشكيلية في ايطاليا وذلك في القرن السادس عشر الميلادي حيث نشأ على يد الفنان الايطالي ((أنيبال كاراش) عام 1585 م الذي عرف عنه أنه أول من رسم في التاريخ الحديث صوراً باعثة على الضحك تمثل بعض المظاهر الاجتماعية التي عاشها. (الوهيد 2000 م، 109)
وأول من استعمل الكاريكاتور كسلاح سياسي في فرنسا الرسام الصحفي (شارل فيليبون) وقد بدأ حياته الفنية في نشر الصور الكاريكاتورية عام (1830 م) في مجلة أسبوعية أطلق عليها (الكاريكاتير). (فهمي 2002م، 62)
وفي مصر بدأ الاهتمام بالكاريكاتور في عام 1876 م عندما أصدر (يعقوب صنوع) مجلة أبو نظارة ثم توالى إصدار المجلات الفُكاهية الساخرة مثل: التنكيت والتبكيت التي أصدرها ((عبد الله النديم) والأرغول التي أصدرها (محمد النجار). (ميخائيل1990 م،38)
وظائف رسوم الكاريكاتور
يقوم الكاريكاتور بعدة وظائف حسب الهدف الذي نستخدمه من أجله وقد ذكر حمادة (2000م ،94 ـ 96) هذه الوظائف فيما يلي:
الوظيفة الإخبارية
حيث يقدم الكاريكاتير الخبر في الفترة الزمنية التي يعاصرها، كما يعالج أحداث وظواهر وعادات مرحلة تاريخية سابقة.
الوظيفة الاتصالية
يتصل الكاريكاتور بالقارئ من خلال الخطوط والأشكال التي توضح حدث ما، أو فكرة أو ظاهرة ما، وذلك من خلال لغته الخاصة.
الوظيفة المعلوماتية
من خلال الرسم الكاريكاتوري يكتسب القارئ معلومات جديدة، فقد يحتوي الرسم الكاريكاتوري على رمز لمنظمة أو تعليق يحمل معلومة ومن خلال ذلك الرسم يكتسب القارئ معاني هذه الرموز ودلالاتها بالإضافة إلى ما تحمله بعض التعليقات من معلومات مثل أسماء بعض الحكام ورؤساء بعض المنظمات وغيرهم.
الوظيفة الإبداعية
يعالج الرسم الكاريكاتيري ظاهرة ما من زوايا مختلفة، وهذا الرسم يتكون من مجموعة كبيرة من الأفكار والعلاقات المتشابكة، التي قد نخرج منها برسم آخر جديد.
وغالباً ما نجد الرسوم تحمل في طياتها هدفاً بالإضافة إلى روح الدعابة لما فيه من مبالغة فعند اجتماع الهدف والمعلومة والتشويق في هذا الرسم فلا بد من أن يكون ذلك نوع من الإبداع.
الوظيفة التربوية والتعليمية
الكاريكاتير بطبيعته يعالج الظواهر السلبية في المجتمع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مثل الرسوم التي تتناول (الرشوة، البطالة، الإدمان، انقطاع المياه، غلاء الأسعار)
يتضح من العرض السابق لهذه الوظائف أن استخدام الكاريكاتور يمكن أن يؤدي إلى تحقيق عدة وظائف فنحن نلاحظ الوظيفة الإخبارية التي تقوم بها هذه الرسوم التي تتناول أخبار القضية الفلسطينية ومستجداتها.
أما بالنسبة للوظائف الاتصالية فالكاريكاتور يعد أحد أشكال اللغة مثال ذلك الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول التي نشرتها الصحف الدنماركية وصلت إلى الناس سريعاً وفهموا معنى هذه الرسوم دون ترجمة الكلام المكتوب على هذه الرسوم.
حيث تكمُن خطورته في سرعة وصوله إلى كل الناس في كل مكان وذلك من خلال وسائل الإعلام التي تخاطب الملايين. (ميخائيل 1990 م)
أما بالنسبة للوظائف التربوية والتعليمية أوضح هيتزمان (Heitzmann1998,6) أن استخدام الرسوم الكاريكاتورية في مجال التعليم في وقتنا الحاضر بدأ يتزايد حيث إن المعلومة التي يتم توصيلها للمتعلم من خلال رسوم الكاريكاتور تصبح أكثر ثباتاً من وصولها عن طريق الكلمة أو النص المكتوب وبذلك لا يحتاج المتعلم إلى تكرار تلك المعلومة ليتمكن من حفظها.
كما أشار انجك ( 2008,53 Ingec ) إلى أن استخدام فكرة الكاريكاتور كأداة تقييم بديلة ستساعد في قياس مستوى الانجاز الأكاديمي للطلاب ويساعدهم على أن يصبحوا قادرين على طرح الأسئلة حيث يستطيعوا أن يستفيدوا من الكاريكاتور في حياتهم اليومية .
وقد أشار هرسون Harrison (1998,95) عن إمكانية استخدام رسوم الكاريكاتور المنشورة في الصحف في تعليم تاريخ الصحافة والتاريخ السياسي.
ويذكر الشعشاع (2008 م، 68) وظيفة أخرى لرسوم الكاريكاتور وهي:
الوظيفة السياسية
الكاريكاتير السياسي يتضمن السخرية مما يجعله قادراً على هدم صروح المجد والهيبة وقادراً على التشويه وكشف العيوب بأسلوب ناقد فهو أقرب للوصول للجمهور.
حيث أطاح الرسام الأمريكي توماس ناست من خلال لوحاته الكاريكاتيرية التي كان ينشرها في صحيفة " نيويورك تايمز " على مجموعة سياسية كان يقودها ويليام إم تويد، حيث ألقي القبض عليه وزُج به في السجن وقد اعترف تويد بنفسه بمدى قوة الكاريكاتير وتأثيره.
والرسوم الكاريكاتورية لا يقتصر استخدامها على مجال التعليم المدرسي فقط وإنما يتسع هذا المجال ليشمل مجال تعليم الكبار الذي بطبيعته أكثر تعقيداً، وليس الهدف من استخدامه إثارة المتعة والضحك بقدر ما هو ربط المعلومة الصعبة والقابلة للنسيان بموقف فُكاهي يُمكن المتعلم الاستفادة منه عندما يتطلب الأمر.
الوظيفة التثقيفية
استعان الأطباء برسوم الكاريكاتور لنشر ثقافة العلاج الطبيعي حيث رسمت أخصائية العلاج الطبيعي بمستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر ( أحلام المشهدي ) لوحات كاريكاتورية يتم تنفيذها بالتعاون مع موقع العلاج الطبيعي السعودي حيث ينشر الموقع إلكترونياً كل شهر رسماً محدداً يوجه رسالة صحية محددة، (www.saudipt.net) الذي بدوره حولها إلى تقويم صحي للعام الميلادي الحالي وهذا الموقع السعودي قام بإنشائه مجموعة من أخصائي العلاج الطبيعي بهدف نشر الثقافة الصحية ، وقد كان أول موقع سعودي يحصل على الاعتراف من منظمة هيلث أونت العالمية ومقرها سويسرا التي تمنح الاعتراف للمواقع الصحية الآمنة وفق شروط ومعايير محدده . (الهاجري 2008 م، 1)
لذا فإن استخدام رسوم الكاريكاتور في مجال التعليم بصفة عامة يوفر الكثير من الجهد سواء للمتعلم أو المعلم.
استخدام رسوم الكاريكاتور في التدريس
تعد رسوم الكاريكاتور أحد الأساليب الفعالة التي يمكن استخدامها في التدريس وخاصة الدراسات الاجتماعية؛ ذلك لأن الكاريكاتور مرتبط بمظاهر الحياة الإنسانية الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والأحداث الجارية مما يجعلها تلامس حياة وواقع التلاميذ.
وعند استخدام رسوم الكاريكاتور في التدريس ينبغي مراعاة بعض الأمور منها ما ذكره مطاوع، بدران، عطية (1983م،301) بأن المعلم عند استخدامه لرسوم الكاريكاتور يجب أن يراعي النقاط الآتية:
- شرح الرموز المستخدمة في الرسم الكاريكاتوري، ليفهم التلاميذ ما وراء الرسم ويفسرونه وينقدونه ويقومونه.
- أن يعرض المدرس وجهات النظر المختلفة التي لا يعبر عنها الكاريكاتور ويبين ما في الكاريكاتور من نقد وتعليق.
- شرح الفرق بين ما يهدف إليه الكاريكاتور وبين الواقع.
- استغلال الكاريكاتور في المناسبات، لتدريس الحوادث الجارية والتعليق عليها، أو لتدريس التاريخ المعاصر، أو لتوجيه انتباه التلاميذ إلى حكمة أخلاقية سامية.
- عدم عرض الرسم الكاريكاتوري لوقت طويل حتى لا يصاب الطلاب بالملل.
- يمكن عرض رسوم كاريكاتورية على مجلة الحائط تحت عنوان مثل " كاريكاتور الأسبوع " أو " أهم الصور الكاريكاتورية لهذا الأسبوع "
فوائد استخدام الكاريكاتور في التدريس
إن استخدام رسوم الكاريكاتور في التدريس وخاصة التاريخ المعاصر يسهل للمعلم أن يحقق عدة أهداف في الوقت نفسه وربما يوفر الوقت الكثير للمعلم حتى يصل إلى أهدافه وذكر رايزنجر وهايتزمان ( (Risinger & Heitzmann ,2008,288 أن الكاريكاتور كأسلوب تعليمي داخل الفصل يتيح للمعلم أن يحقق الفوائد التالية :
- يفرق بين التعميمات.
- يثير الدافعية لدى الطلاب لمواجهة الخطر.
- يعد الطلاب لاجتياز اختبارات نموذجية ذات مستوى عالي.
- يزودنا بروح المرح والفكاهة داخل الفصل.
- يتيح أساليب تقييم بديلة.
- يعطي دافعاً ومثيراً للأنشطة الكتابية.
- يساعد في إنجاح العملية التعليمية.
لم يلقى استخدام الكاريكاتور استخداماً واسعاً في التدريس إلا أن الأهداف التي يمكن أن يحققها متعددة حيث أشارت ستينفرست (Steinfirst 1995, 6) إلى أهداف استخدام رسوم الكاريكاتور التالية:
- للتعليم
- لمساعدة الأفراد أن يصبحوا متعلمين بالرؤية.
- لمساعدة الأفراد أن يكتسبوا مستويات معرفية عليا من خلال التفكير الناقد.
- لتدريس منظومة القيم الأخلاقية.
- لإيجاد الدافعية لدى الأفراد.
- للتسلية واللهو.
المهارات التي يتم اكتسابها من خلال رسوم الكاريكاتور
إن استخدام الكاريكاتور يعمل على تنمية فهم المتعلمين لما يصوره رسم الكاريكاتور وبالتالي يؤدي ذلك إلى تنمية بعض المهارات التي ذكرتها ستينفرست ( Steinfirst 1995,6 ) كما يأتي :
- الاستنتاج.
- تفسير الرموز.
- التعرف على استخدام المفاهيم والأعراف المصورة.
- فهم الأدلة والبراهين الذكية المرئية أمامهم.
- التعرف على كيفية قياس الأمور بأمور مشابهة.
- فهم الأحداث والمجريات السياسية والاجتماعية التي تدور في المجتمع والتي يتناولها الكاريكاتور.
المعايير التي يجب توافرها في الرسم الكاريكاتوري
أشار هيتزمان ((Heitzmann 1988, 19 أن هناك معايير يجب توافرها في الرسوم الكاريكاتورية وهي:
- أن تكون هادفة وتساعد التلاميذ على اكتساب المهارات والخبرات التربوية.
- أن تربط المتعلم بواقعة وذلك بالاستفادة من الأحداث الجارية والإعلام.
- أن تكون متنوعة مبتكرة وجذابة مما يثير دافعية التلاميذ على التعلم.
- أن تكون قابلة للتحليل والتلخيص فتجعل المتعلم قادراً على استخلاص الحقائق والبيانات.
- أن تكون الألوان المستخدمة في الرسم واضحة ومريحة للعين.
- يفضل استخدام الخطوط السوداء التي تبين حدود التفاصيل.
- عند كتابة تعليق على الرسم يجب ألا يحجب التعليق جزء مهم في الرسم.
- أن تكون مرتبطة بقضية تتعلق بالواقع أو بحدث أو فكرة أو مفهوم.
كما أعدت سالم (2003 م، 142) قائمة بالمعايير التي يجب أن تتوافر في الرسم الكاريكاتوري عند استخدامه في التدريس وهي كالتالي:
أولاً: الشكل
- يكون واضح المعنى.
- يكون جذاباً.
- يضفي البهجة على المتعلم.
- يتضمن أفكاراً تثير اهتمام التلاميذ.
- يتوافر فيه عنصر التشويق.
- يتوافر فيه عنصر الطرافة.
- يتوافر فيه عنصر المبالغة.
- يتوافر فيه التوازن بين الجانب الجمالي ومضمون الرسالة.
- البعد عن التفاصيل الزائدة لعدم تشتت الفكرة المرسومة.
ثانياً: المضمون
- يكون قابلاً للتحليل.
- يكون قابلاً للتلخيص.
- يرتبط بالقضية موضوع الدرس.
- يمثل مواقف حياتية يحدث تأثيراً في المتلقي.
- يكون ذا معنى ودلالة.
- يكون مناسباً لخبرة من يشاهده.
- تعبر الرموز عن موضوع الدرس.
- تعبر الرموز عن أهداف الدرس.
- يكون مناسباً لمستوى نضج التلميذ العقلي.
- يتيح للتلاميذ فرصة عرض الآراء.
- يتوافر فيه سرعة توصيل الرسالة للمتعلم.
- يتيح للتلاميذ فرصة طرح الأسئلة.
- يساعد التلاميذ على وضع تصورات مستقبلية.
ثالثاً: الخصائص الفنية
- تكامل وتنوع الرموز مع بعضها البعض.
- انسجام الخطوط مع بعضها البعض.
- تجنب الألوان المتداخلة الغامضة.
- يتوافر بها الانسجام في الألوان وتوافقها مع الطبيعة.
وذكر رايزنجر وهايتزمان (Risinger & Heitzmann 2008,288-289) المعايير الواجب توافرها عند اختيار الكاريكاتور في التدريس وهي:
- لا يجب أن يكون الغرض من الكاريكاتور هو الفكاهة فقط بل تقديم رسالة من خلال الفكاهة.
- لا بد من وجود أساس من الحقيقة فالكاريكاتور يجب أن يكون معترف به ورسالته يجب أن تكون مرتبطة بالواقع والحقائق التي في المجتمع.
- توفر القيمة الأخلاقية والبعد عن الرسوم السلبية والعنيفة.
- اختيار الكاريكاتور المناسب للدرس.
- مستوى نضج التلاميذ والصف الذي يلتحقون به.
- مستوى القدرات الذي يقدمه الكاركاتور لاستيعاب الرسالة المقدمة من خلاله.
إن اختيار رسوم الكاريكاتور بناء ً على هذه المعايير يتيح للمعلم أن يختار ما يتناسب مع تلاميذه من حيث الشكل والمستوى ويمكن أن تتوافر بعض هذه المعايير في بعض الرسوم، وبعضها الآخر لا يمكن أن يتوافر به جميع هذه المعايير السابقة، ولكن يمكن للمعلم أن يقوم بعمل تعديلات على بعض الرسوم حتى تتوافر فيها المعايير بما يتناسب مع الدرس والهدف المراد تحقيقه من استخدام هذه الرسوم.
طرق استخدام الكاريكاتور في التدريس
الطريقة الأولى
يجب اختيار الكاريكاتور بحرص والذي يتكامل بصورة فعالة مع موضوع الدرس، ثم نقدم للتلاميذ بعض التعليقات المقترحة بعضها صحيح وبعضها غير صحيح، ثم نوزع عليهم صورة طبق الأصل من الصورة التي قاموا برؤيتها ثم يطلب منهم كتابة تعليق تحت الصورة كل تلميذ حسب وجهة نظره. رايزنجر وهايتزمان ( Risinger & Heitzmann 2008, 289)
الطريقة الثانية
استخدام الكاريكاتور في النشاط حيث يقدم الكاريكاتور بدون عنوان فردياً أو في شكل مجموعات، وبعد تحديد هدف معين ووقت محدد يقوم التلاميذ بتقديم وجهات نظرهم وأفكارهم ويدافعون عنها وتلي ذلك مناقشات، فبعض تعليقات التلاميذ وعناوينهم قد تكون أكثر تشويقاً من تعليق وعنوان الكاتب نفسه وتحتوي على قدر فُكاهي أكبر، وعادة ما يتبع
هذا النشاط مستوى آخر من الجدل والرغبة في العمل حيث تريد كل مجموعة مساعدة المجموعة الأخرى في وضع عنوان مناسب. ( Risinger & Heitzmann 2008, 289)
ويمكن للمعلم أن يبتكر طرقاً أخرى يستخدم فيها رسوم الكاريكاتور فهو الوحيد الذي يعرف مدى ملاءمة كل جزء من أجزاء درسه بالطريقة التي تناسبها في التدريس.
مميزات الكاريكاتور
حدد الطوبجي (2001 ،106) هذه المميزات في التالي:
- يتعرض للفكرة الرئيسية التي يحاول توصيلها للقارئ ويتحاشى بذلك كثيراً من الموضوعات الفرعية والنقط الهامشية.
- اختيار شخصية مألوفة لدى جمهور القراء والتعبير عنها بالرسومات الخطية.
- تمثل الشخصية نمطاً سائداً Stereotype يمكن التعرف عليه بسرعة وفهم صفاته وخصائصه وما يرمز إليه. مثل شخصية ابن البلد، أو العربي، الفلاح.
- يسهل التفاهم عن طريق الكاريكاتير وتوصيل الفكرة التي قد يحتاج التعبير عنها إلى كتابة مقال طويل أو التحدث عنها فترة من الوقت، فهي بذلك تختصر الزمن اللازم لعملية الاتصال والتفاهم.
عيوب رسوم الكاريكاتور في التعليم
ذكر مطاوع وبدران وعطية (1983 ،300) هذه العيوب وهي:
- كثيراً ما يعطي وجهة نظر واحدة: بمعنى أن يتحيز الكاريكاتور لجانب واحد في الموضوعات الشائكة التي تختلف فيها وجهات النظر بأن يضخم بعض العناصر ويهمش العناصر المضادة، وبذلك فهو يضلل إذ يوحي بأنه لا توجد وجهة نظر غير الوجهة التي يمثلها، بينما توجد في الواقع وجهات نظر متضاربة.
- كثير من رموز الكاريكاتور قديم لدرجة أنه لم يعد يمثل الواقع وقدمه سر قوته فلم يعد من الممكن تغيره فكاريكاتور يظهر فيه المصري " أفندي " قصير البنية وبمسبحته وطربوشه لم يعد يمثل اليوم أحد.
- لا يميل المرء لرؤية كاريكاتور واحد طويلاً، بعكس الصورة الفوتوغرافية التي تجتذب القارئ مراراً وتكراراً.
- قد لا يدرك التلاميذ شيئاً عن كنه الرموز المستخدمة في الكاريكاتور.
أهمية استخدام رسوم الكاريكاتور في تدريس التاريخ
تعد رسوم الكاريكاتور وثيقة الصلة بالدراسات الاجتماعية حيث إن هدف كل منها دراسة سلوك الفرد وعلاقته بالمجتمع وردود أفعاله ومدى مواكبته للأحداث العالمية المعاصرة فرسوم الكاريكاتور كأحد الوسائل الإعلامية تعبر عن أحداث المجتمع ومشكلاته وقضاياه بشكل متكامل، وهي ترصد وتسجل الأحداث من جميع الجوانب، فالإعلام والتوثيق نقطة التقاء بين التاريخ والصحافة
.
ويؤكد ذلك القرشي (2001) بقوله: " تنبع أهمية استخدام رسوم الكاريكاتير في تدريس الدراسات الاجتماعية من تنوع، وتعدد استخداماتها في منظومة المنهج، فتلك الرسوم يمكن استخدامها كأسلوب من أساليب التهيئة ... أو كنشاط ضمن الأنشطة المنهجية المصاحبة للمنهج وأيضاً كأسلوب من أساليب التقويم " (ص 59).
وتقديراً لأهمية الكاريكاتور كوسيط للتعلم أقرت الهيئات التربوية في الولايات المتحدة الأمريكية تدريسه ضمن الدراسات الاجتماعية، واعتبرته أحد البنود الثابتة في الاختبارات المقننة (سعيد وعبد الله 2004، 92).
وهناك بعض رسوم الكاريكاتير التي تتضمن بعض الرموز، والمأثورات التاريخية الشهيرة، والتي تستخدم حالياً للتعبير عن فكرة أو حدث معين معاصر يتشابه إلى حد كبير مع حدث تاريخي قديم يمكن ربطه عن طريق الكاريكاتير بالواقع (القرشي، 2001 ،59).
ويقع على عاتق المعلم أن يشجع طلبته على فهم الكاريكاتور وذلك من أجل تطوير مهارة التفكير، وقد يكتشف المعلم بعض المواهب الكامنة عند طلبته عندما يكلفهم بنشاط اختياري إما رسم الكاريكاتور، أو إضافة تفاصيل على بعض الرسوم، وربما يؤدي ذلك إلى أن يصبحوا منتجين للكاريكاتور في المستقبل.
المراجع
ابراهيم، مجدي عزيز. (2006) التفكير لتطوير الإبداع وتنمية الذكاء سيناريوهات تربوية مقترحة، القاهرة: عالم الكتب.
أبو رزق، حليمة (2004) المدخل إلى التربية، جدة: الدار السعودي للنشر والتوزيع.
حجي، أحمد إسماعيل (2004) تطوير التعليم في زمن التحديات الأزمة وتطلعات المستقبل، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية.
الحصري، كامل دسوقي (2006) فعالية بعض استراتيجيات ما وراء المعرفة في تنمية المفاهيم ومهارات التنظيم في الدراسات الاجتماعية لدى تلاميذ المرحلة الإعدادية، مناهج التعليم وبناء الإنسان العربي المؤتمر العلمي الثامن عشر، جامعة عين شمس: القاهرة، المجلد الثاني ص 507 ـ 534.
حمادة، ممدوح (2000) فن الكاريكاتير في الصحافة الدورية، دمشق: دار عشتروت.
راشد، على (1999) مفاهيم ومبادئ تربوية، القاهرة: دار الفكر العربي.
الزواوي، خالد محمد (2003) الجودة الشاملة في التعليم " أسواق العمل في الوطن العربي " الإسكندرية: مجموعة النيل العربية.
زيتون، حسن حسين. (2003) تعليم التفكير رؤية تطبيقية في تنمية العقول المفكرة، القاهرة: عالم الكتب.
سالم، شيرين علي جاد (2003) فاعلية تدريس التاريخ لتلاميذ الصف الثالث الإعدادي باستخدامالرسوم الكاريكاتورية، رسالة ماجستير غير منشورة، كليةالتربية، قسم المناهج، جامعة عين شمس.
سعادة، جودت أحمد (2006) تدريس مهارات التفكير مع مئات الأمثلة التطبيقية، رام الله: دار الشروق للنشر والتوزيع.
سعيد، عاطف وعبد الله، محمد (2004) الاتجاهات المعاصرة في مناهج وطرق تدريس الدراسات الاجتماعية، القاهرة: مكتبة الآداب.
سليمان، يحي عطية؛ ونافع، سعيد عبده (2001) تعليم الدراسات الاجتماعية للمبتدئين، الإمارات العربية المتحدة: دار القلم للنشر والتوزيع.
الشعشاع، طلال فهد (2008) الكاريكاتير المعاصر رقمي، مجلة أهلاً وسهلاً، السنة 32، العدد السادس، جماد الآخر، يونيو، مجلة شهرية تصدر عن الخطوط الجوية العربية السعودية، ص 68.
شلش، على (1992) فن الكاريكاتير، مجلة الفيصل، مجلة شهرية، العدد 192، جماد الآخرة، ديسمبر ص ص 99 ـ 104.
الطوبجي، حسين حمدي (2001 م) وسائل الاتصال والتكنولوجيا في التعليم، الكويت: دار القلم.
الطيطي، محمد حمد (2007) تنمية قدرات التفكير الإبداعي، ط 3، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.
عطار، عبد الله إسحاق؛ وكنسارة، إحسان محمد (2005) وسائل الاتصال التعليمية، ط 3، مكة: مطابع جامعة أم القرى.
فهمي، عمرو (2002 م) الكاريكاتير الفن المشاغب، القاهرة: مكتبة الدار العربية للكتاب.
القرشي، أمير إبراهيم (2001) أثر استخدام رسوم الكاريكاتير في تنمية مهارة تفسير الأحداث الجارية لدى تلاميذ الصف الثالث الإعدادي، مجلة دراسات في المناهج وطرق التدريس، العدد 71، يونيو، تصدرها الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس، كلية التربية، جامعة عين شمس، مصر: القاهرة، ص ص 53 ـ 70.
اللقاني، أحمد حسين (2000) المواد الاجتماعية وتنمية التفكير، القاهرة: عالم الكتب.
اللقاني، أحمد حسين؛ وأبو سنينة، عودة عبد الجواد (1999) أساليب تدريس الدراسات الاجتماعية، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع.
محمد، أشرف السعيد أحمد (2007) الجودة الشاملة والمؤشرات في التعليم الجامعي، الإسكندرية: دار الجامعة الجديد.
مطاوع، إبراهيم وبدران، مصطفى وعطية، محمد (1983) الوسائل التعليمية، القاهرة مكتبة النهضة المصرية.
ميخائيل، ملاك (1990) الكاريكاتير فن السخرية بالرسم والكلمات، مجلة القافلة، المجلد والعدد 10، الظهران: إدارة العلاقات العامة شركة ارامكو السعودية، ص ص 36 ـ 39.
مينا، فايز مراد (2003) قضايا في مناهج التعليم، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.
الهاجري، نورة (2008) أطباء يستعينون برسامة كاريكاتير لنشر ثقافة العلاج الطبيعي، صحيفة الوطن، الخميس 22 محرم 1429هـ الموافق 31 يناير 2008م العدد (2680) السنة الثامنة. ص 1، مدينة أبها بالمملكة العربية السعودية.
همشري، عمر أحمد (2001) مدخل إلى التربية، عمان: دار صفاء للنشر والتوزيع.
الوهيد، محمد إبراهيم (2000) قصة الكاريكاتير من الألف إلى الياء، مجلة كلية الملك عبد العزيز الحربية، العدد41، مجلة عسكرية ثقافية تصدر سنوياً، ص 108
Risinger, Frederik & Heitzmann, Ray (2008) Using the Internet to Teach about Political Cartoons and Their Influence on U. S. Elections ,National Council for the Social Studies, Volm 72 ,Number 6 October . P288 -289
Heitzmann, William Ray (1998): “The Power of Political Cartoons in
Teaching History Occasional Paper, NationalCouncil for
History Educating,
Selwen, Douglas William (1991)“Using the Arts to Teach Content in Secondary Social Studies Classrooms”, DissertationAbstracts International, (Vol.52 No.5.), P. 2098.
Steinfirst, Susan (1995) .Using Editorial Cartoons in Curriculum to Enhance
Visual (and Political) Literacy.
تاريخ الدخول 3/3/1429هـ / http://www.eric.ed.gov
Harrison, S L (1998)Cartoons as a Teaching Tool in Journalism History
, Journal-Articles, (Vol.53, No.1) p95 – 101
Ingec, Sebnem Kandil (2008) Use of concept cartoons as an assessment
Tool in physics education, US – China Education Review,
ISSN 1548-6613, USA
P (47-54)
نقلًا عن:
https://shms.sa/authoring/20398-%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D8%AA%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7%D8%AA%D9%88%D8%B1/view
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق