الفرق بين:
(المصـــــدر- المرجـــع)
إعداد الباحث:
محمد جمال صالح
محمد
معيد بقسم
المناهج وطرق التدريس
تخصص "
مناهج وطرق تدريس التاريخ "
كلية التربية –
جامعة أسوان
تذخر مكتباتنا العربية
والإسلامية بكثير من حقول العلم والمعرفة ، ولا جدال في الأهمية الكبيرة لمادة المصادر
والمراجع ، كونها العامل الأساس في تأصيل المادة العلمية ، وكونها تساهم بشكل كبير
في أصالة البحث العلمي وقوة مادته والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك فرق بين المصدر والمرجع
أو كلاهما أمرٌ واحد لا اختلاف بينهما .
ليس
هناك تاريخ محدد لبداية استخدام الكلمتين في مجال المكتبات والمعلومات، ولكن استخدمها
في بداياته
كان
كترجمة لهما من اللغة الإنجليزية لكي توجد كلمات مقابلة لكلمتي Reference،
source.
فكانت كلمة (
مرجع = Reference
) وكلمة (source تقابل مصدر ) .
ثم
بعد ذلك انتشرت الدراسات حولهما لكن رغم ذلك إلا أن هناك من لا يزال يستخدمها بشكل
مترادف أو يستخدم أحدهما في معنى الأخرى.
تطلق
كلمة المصدر عادةً : " على كل ماله علاقة مباشرة بالموضوع من حيث اتصاله به اتصالاً
جوهرياً "
أو
قد يقصد به : " أو هو كل كتاب يبحث في علم من العلوم على وجه الشمول والتعمق بحيث
يصبح أصلاً لا يمكن لباحث في ذلك العلم الاستغناء عنه " .
وعلى
أساس ذلك ، تكون المصادر تطلق على الآثار التي تضم نصوصاً أدبية أو نثرًا لكاتب ، وتطلق
كذلك على دواوين الشعراء وآثارهم لمن يدرس هؤلاء الشعراء ، وتطلق على آثار المؤلف لمن
يدرسه .
أما
المرجع فيعرف بأنه : " كل ما كتب ونشر متأخراً عن زمن المصدر ، وكثيراً ما يكون
المرجع قد أخذ عن المصدر الرئيسي " .
ومن
هنا ، فإن أغلب الباحثين يرون أن المصادر نفسها تنوع تنوعاً واسعاً ، منها ما هو أصيل
ومنها ما هو فرعي ثانوي ، ولعلهم يقصدون بالأصيل المصادر الرئيسة ، والثانوي الفرعي
المراجع.
وبعض
العلماء يفرق بين المصدر والمرجع ، بأن المصدر هو أقدم ما يحوي مادة عن موضوع ما ،
وهذا النوع هو ذو القيمة في الرسائل العلمية .
أما
المراجع فهو أخذ مادة أصلية من مصادر متعددة ، وأخرجها في ثوب آخر جديد.
وعرف
المرجع بأن " مصدر ثانوي أو كتاب يساعد في إكمال معلومات الباحث والتثبت من بعض
النقاط ، والمعلومات التي يحتويها تقبل الجدل " .
فالمصدر
والمرجع بمعنى واحد ، فالمصادر هو كل ما يرجع إليه في البحث ، والمراجع هي كذلك ، ونخلص
من ذلك إلى أن المراجع والمصادر سواء أكان مترادفين أم أن كليهما يؤدي معنى مستقلاً
، فإن الباحث لا يستغني عنها ؛ لأنها عدته في أي بحث يقوم به .
·
اختيار
المصدر ( المنهج والطريقة ) :
لابد أن يكون للباحث منهجٌ سليمٌ وصحيحٌ في
التعامل مع المصادر ، فالأمر ليس بالتخرص أينما يجد معلومة في موضوعه من قريب أو بعيد
يدونها ، بل هناك لابد أن يكون هناك تعامل يكلفه بأن يظهر البحث موافقاً للأسس العلمية
.
ويتحدث الدكتور شوقي ضيف عن أهمية قدم المصدر
الذي يرجع إليه الباحث فيرى أن " قدم المصدر جزء لا يتجزأ من أصالته " لكنه لا ينطلق من الناحية الزمنية بل يرى
أن المدار على الموضوع نفسه وصلة المصدر الزمنية به .
ومسألة قدم المصدر مسألة معادلة ، فقد يكون المصدر
حديثاً ، لأنه يعتبر أقدم ما يحوي مادة للموضوع ، من مثل ذلك الاحصائيات التي تنشرها
الحكومات من حين لآخر عن التعداد وإلخ .
وعلى الباحث وهو يتعامل مع موضوعه أن يقوم بعملية حصر المصادر والمراجع ؛ لأن هذه
العملية غاية في الأهمية كونها تعطي الطالب والباحث قدراً من الاطمئنان ، وهي بمثابة
مؤشر على أن البحث له مراجع ويمكن استكماله والمهم والأساس في التعامل مع المصادر ،
أن يتوفر عند الباحث جميع المصادر القديمة والحديثة ، لأن القديمة تعطيه الخلفية الواسعة
لموضوعة والحديثة تساعده مساعدة فعالة إلى أي مدى وصل العلم الحديث من تطور .
وأريد
أن أبين أن المصادر تتفاضل ، فبعضها يفضل بعضاً ، ومعيار الأفضلية يرجع إلى أمور أهمها
الدقة ، والمعرفة ، والميول ، والنـزاهة والزمان ، والمكان .
أما الدقة والمعرفة والميول والنزاهة ، فقد يكون
بعض المؤلفين أدق وأعرف وأعدل وأنزه من مؤلف آخر ، فعلى الباحث أن يقدم هذا المصدر
على من لم يتصف بتلك الصفات .
وأما الزمان يختار الباحث من المصادر ما كان مؤلفه
قد شاهد الفكرة التي هي موضوع الحديث ، ثم يأتي بعدها المصادر القريبة الصلة الزمنية
بموضوع الحديث .
وأما
المكان فيختار الباحث من المصادر ما يكون مؤلفه من أصحاب المكان الذي هو موضوع الحديث
.
والباحث
وهو يتعامل مع المصادر لابد أن يكون لديه إلمام بتاريخ وفاة المؤلف للمصدر والمرجع
، وكذلك يحسن به أن يعرف على من تلمذ هذا المؤلف ومنهم مشائخه وتلاميذه ، فإن ذلك ضروري
في ربط المعلومات بأصحابها وكذلك ضروري في أخذ المعلومات من مصادرها الأصلية .
وهناك
نقطةٌ مهمة وهي كما أن لمصادر البحث أهمية كبرى ، فإن الإكثار منها والتنويع أهمية
أيضاً ؛ ذلك أن الإكثار والتنويع مما يزيد في شمول جوانب الموضوع ووضوح الرؤية وعمق
النظر في دقائقه ، فعلى الباحث ألا يستهين بأي مصدر سواءاً أكان رئيساً أو ثانوياً
، قديماً ، أو حديثاً.
والأفضل للباحث أن يباشر المعلومة التي يريدها في
كتب الأقدمين ويحاول تفهمها ثم بعد ذلك يرجع لما كتب في كتب المتأخرين عن هذه المعلومة
وما فهموه ومحاولة البحث الصحيح عن الفهم الصحيح للمعلومة التي يريدها .
وينبغي
للباحث أن يبذل جهده في إعداد مصادر بحثه فيتحرى في ذلك كل ما هو مظنه لبحثه ، ولا
يكفيه الوصول إلى مصادر كثيرة بل لا بد من أن يصل إلى مرحلة يثق فيها بأنه استوعب مصادر
بحثه إعداداً واستقرأ جميع ما هو مظنةٌ لبحثه .
·
أسس
التعامل مع المصدر :
أ-
أهلية الباحث واستعداده .
الباحث
: هو الذي على كاهله اختيار المشكلة ، والتتبع لمادتها ، ودراسة ذلك ، وفق منهج معين
، لتحقيق هدف معين .وعليه يكون الباحث هو رقم واحد في البحث وعليه يعود نجاح البحث
وفشله ، وللباحث صفات ومزايا تؤهله لأن يكون أهلاً للبحث والتنقيب 0فمن ذلك :
1)الرغبة
والميول في البحث العلمي ، لابد للباحث أن يكون لديه استعداد نفسي يخوله لأن يخوض
غمار البحث ، أما إذا كان الباحث لم يكن لديه أي استعداد فإن البحث محكوم بالفشل ،
فمسألة الرغبة مسألة ضرورية في عملية إنتاج البحث .
2)الثقافة
العامة الواسعة ، لابد للباحث أن يكون لديه قدراً واسعاً من المعارف والعلوم ،
تمكنه من خوض عملية البحث وتوسع مداركه ومعارفه .
3)الفطرة
والاكتساب ، فإن البحث موهبة فنية تمنح لبعض الناس ولا تمنح لآخرين ، فكم من عالم
ضليع ، ليس عنده موهبة البحث ، والمقدرة الفطرية تعني القدرة على فهم الحقائق وتفسيرها
باستقلال تام .
أما
المقدرة الكسبية ، فتعني الإلمام بطرق البحث العلمي عن طريق الدراسة والتجربة .
4)الحافظة
والذاكرة القوية : حتى يتذكر الباحث ما قرأه بالأمس فيربطه بما قرأه اليوم ، ويجمع
بين ما قرأه في كتاب قديم وما اكتشفه في مجلة حديثة .
5)الإخلاص
في البحث : لابد أن يكون لدى الباحث إخلاصٌ وتفانٍ في بحثه ، حتى تروج بضاعته ويظهر
بحثه بأبهى صورة وأفضل حلية .
6)الدقة
والتنظيم فلابد للباحث أن يكون دقيقاً في عمله منظماً فيه فينظم بحثه في خطته ومنهجه
وحواشيه وأسلوبه وطباعته وتجليده .
7)العقلية
التنظيمية البناءة : من الصفات التي لابد أن تكون متوفرة في الباحث العقلية التنظيمية
بحيث يكون ذا مقدرة على تبويب الأشياء وتوحيد أجزاءئها ووضع كل منها في الموضع المناسب
.
8)الصبر
والدأب : ذلك أن البحث عمل شاق ذهناً وجسماً ومالاً ، وبه عقبات ومشكلات ، ويحتاج
إلى وقت طويل يتفرغ فيه الباحث للبحث ، فلابد للباحث من أن يتحلى الصبر والتأني والجلد
والمثابرة ، حتى يجني ثمار البحث ينعة ناضجة .
ب)
معرفة ميادين البحث والتمكن فيه :
على
الباحث أن يعرف مجالات بحثه والميادين التي يمكن أن يخوضها فلابد أن يكون لديه استيعابٌ
تامٌ بمصادر بحثه ، ولقد تعددت وجهات نظر المتخصصين في تقسيم الأشكال التي تمثل المعلومات
المرجعية ، نذكر منها :
1-0مصادر
أولية .
2-0مصادر
ثانوية .
وهناك من يقسمها إلى :
1)مصادر
ثابتة مثل الكتب .
2)مصادر
متجددة مثل الدوريات .
وميادين
البحث تختلف من حيث التخصص في علم وعدمه ، فأجد أن المصادر تنقسم من حيث الحيثية إلى
قسمين .
1)مصادر
خاصة بكل علم على حدة ، كمصادر الفقه أو الأدب أو التفسير ...وهذه يجب أن توفر لدى
الباحث فلا يقوم البحث إلا بها .
2)مصادر
تفيد في أكثر من علم ، من ذلك دوائر المعارف وكتب التراث الموسعة ..
والمصادر
الخاصة تقسم بحسب موضوع البحث :
1-مصادر
متخصصة في العلم أو الموضوع الذي يبحث فيه الباحث .
2-مصادر
ليس تخصصها في العلم أو الموضوع الذي يبحث فيه .
الباحث
، ولكنها تفيد الباحث في بعض النقاط التي تعرض له وهي ليست من صميم تخصصه .
جـ-
إحكام النظر في قراءة نصوص المصادر :
لابد
أن يكون لدى الباحث عين ثاقبة وفكر متوقد وذهن حاضر يستطيع بذلك أن يفهم النص على الوجه
الصحيح الذي يريده المؤلف .
وهنا
تبرز نقطة الموهبة والذكاء ، التي تساعد الباحث على التأمل والتفكير والاستنباط ، كي
يستطيع الوقوف على دقائق الأمور ، ويبتعد عن الأخطاء التي قد يسببها سوى الفهم .
(1)
·
أدبيات
التعامل مع المصدر:
أ – التزام حدود
النص وعدم تحميله ما يحتمل :
هذه النقطة معضلة البحث ، فكم من نتائج بنيت على
أساس خاطئ وفهم مغلوط ، فعلى الباحث أن يلتزم ما يحتمله النص من معنى ، ولا سيما أن
النص العلمي نص لا يحتمل أكثر من معنى فهو نص منغلق ، فلا يجوز أن نحمل النص معنى لا
يريده مؤلفه .
وهنا
تبرز صفة الموضوعية في البحث ، بحيث يثبت النص وإن كان قد خالف ميوله وهواه ، وعلى
الباحث ألا يعتبر ما وصل إليه من الأمور المسلم بها وأنها حقائق لا يعتريها الشك ،
ولا يعتورها الخطأ ، بل لابد من دراستها والتفكير فيها وفحصها وتمحيصها .
وأؤكد
هنا على أنه لا يجوز لوي أعناق النصوص ليوافق ما تذهب إليه من الآراء ، بل من الشجاعة
أن تثبت الحق ولو على نفسك .
وإذا
لم يفِ الباحث بهذا النقطة فسوف تضيع قيمة البحث ، ولن يحقق البحث أهدافه ولن يثق القراء
بالباحث بعد ذلك .
ب)
تجنب المؤثرات عند قراءة المصدر :
هذه
نقطة مهمة وأنت تباشر عملية البحث ، لابد عليك أن تقرأ المصدر خالياً من التأثيرات
التي أنتجتها أقوال من حولك ، فلا تلتفت إلى ما يقال عن المصدر ومؤلفه بل تبحث عن الحقيقة
بنفسك ، ولا سيما أنك بلغت مرحلة تميز الحق من الباطل .
وهذه
المسألة ، قد تأتي على البحث ، لأنك لو تصورت فهمًا سيئاً عن أحد المؤلفين ، فسوف تبنى
فهماً خاطئاً لكتاباته وآرائه ، وعليه لن تصل إلى الحقيقة العلمية في البحث .
وهنا
تبرز خصلة الإنصاف والموضوعية ، فالإنصاف قرين العدل ، والعدل يقتضي أن تتجرد عن الهوى
، ومن الرغبة في التشهير ، أو قلب الحقائق من أجل نزعة تسيطر على النفس .
•الفرق بين المصدر والمرجع:
(1)المصادر: أشد ارتباطاً بالأشياء الأساسية أو الأولية
بالنسبة إلى موضوع البحث، فإن كان البحث يتناول شاعراً من الشعراء، أو أديباً من الأدباء
، فإن مؤلفات هذا الأديب أو دواوين ذلك الشاعر تعد من المصادر.
(2)المراجع : ما يرجع إليه في علم أو أدب ، من عالم أو كتاب
، أو ما كتب حول الأشياء الأساسية الأولية في الأبحاث من آراء , إذن فهي كتب حديثة
عالجت موضوعاً ما سبق الحديث عنه في المصادر .
المراجع:
·
لسان العرب – ابن
منظور - الطبعة الأولى – دار الحديث للنشر
والتوزيع1423هـ - 2003م.
·
المعجم المفهرس
لألفاظ القرآن الكريم – محمد فؤاد عبد الباقي –دار الحديث – الطبعة الأولى 1407-
1987م
·
المعجم الوجيز
– مجمع اللغة العربية – طبعة خاصة بوزارة التربية والتعليم -2006م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق